في يومٍ مُلبَّد بالغيوم الكثيفة … شعرت بالضِّيق يستولي على نفسي … شعرت بهمومٍ تُغطيني كالجبال والآكام … شعرت بالحزن يملىء نفسي … ضاقت بي الدُّنيا … والظَّلامُ يـُخيِّمُ على كلِّ شىءٍ حولي وأيضًا في داخلي … خرجتُ مسرعًا، فلم أَعُد احتمل .. خرجت أبحث عنه … أبحث عن نورٍ … أبحث عن راحةٍ … أبحث عن خلاصٍ … أبحث عن معينٍ … فوجدت نفسي أتجوُّلُ في الشَّوارع كالمجنون… كالهارب من سجنه … لا أدري إلي أين أذهب؟ … إلي من ألتجأ؟ … إلي أين تأخُذني رجليَّ؟ وفجأةً !!
تَسَمَّرَتْ رجليَّ أمام أحد البيوت … لا أريد أنْ أتحركَ أكثر ولكنْ، لماذا ؟! لماذا هذا البيت بالذَّات؟ وما الَّذي يجذبني إلي الداخل؟ … تُرى ما الَّذي يُوجد بالدَّاخل، وما هذا الجمع؟ ولـِمَا هذه النَّظرات الَّتي ينظرونـها لي؟ وما كلُّ هذا الرَّفض الَّذي أجِدُهُ في عيُونِهِم؟ ولكن….!! مازلت نفسي منجذبة إلى الدَّاخل، إلى العمق، تُرى مَنْ هذا ؟! ولـِمَا يَنْظُرُ لي مُبتسِمًا ؟! وما هذا النُّور الَّذي يُشعُّ مِنْ وجهِهِ؟ … شعرتُ وكأنَّهُ في انتظاري، فلم أدري بنفسي سوى وأنا عِندَ قَدَميِّهِ …أذرف الدُّموع … أذرف دموعي بغزارةٍ …. فلَقد تبلَّلتْ قدميِّهِ مِنْ كثرةِ الدُّمُوع … تُرى ماذا أفعل الآن؟ كيف أجفَّف قدميِّهِ؟ فلا أمتلك شيئًا أُجفَّف به؟ لا، مهلا، بل أمتلك !! أمتلك شعري الَّذي كنتُ أستخدمه لأُسقِطَ آخرين في الخطية، أمتلك طيبَ النَّاردين غالي الثَّمن الَّذي جمعتُ ثمنه بالخطية . فبعد أنْ بلَّلت قدميِّهِ بدموعي، ومسحتهم بشعر رأسي، وسكبت عليهم طيب النَّاردين، فهل تقبَلُهُم مِني يا سيِّدي ؟؟
فأنا لا أملك غيرهم … فنظرَ إليَّ بإبتسامتِهِ ووجهِهِ الـمُشرق الباعث الحياة وقال لي وهو يضع يده على رأسي: “مغفورةٌ لك خطاياك”. وهنا تلاشت الغيومُ الكثيفةُ، وغمرتني فرحةٌ وراحةٌ وسلامٌ لا مثيل لهم، وكأنَّه هو مَنْ غسلني وسكب عليَّ بروحِهِ العطِرة. وهنا، انفتحت عينيَّ لأجدَ نفسي أمام أب إعترافي داخل الكنيسة وهو يضع الصَّليب فوق رأسي ليعطيَنِي حِلًّا بعد جلسةِ إعترافٍ طويلةٍ، شعرتُ فيها كأنَّنـي في لقاءٍ شخصيٍّ مع ربِّ الـمجد يسوع المسيح