تحتل القديسة العذراء مريم مكانة كبيرة عند الله وفى ذات الوقت عند البشر بمختلف جنسهم وأعمارهم وإنتمائهم الدينى ، فهى لله عروس وهى للبشر أم.
عروس اللــــه
فالله يرى فيها العروس التى معها تحقق الوعد بأن رأس الحية سيسحقه نسل المرأة العروس ، فهى ليست فقط أم الله التى إستحقت أن تطوب لأنها حملته وأرضعته ” طوبى للبطن الذى حمملك والثديين الذين رضعتهما ” ( لو١١: ٢٧) . إنما هى التى حرك داود لها قيثارته حينما قال ” جعلت الملكة عن يمينك ” (مز ٤٥: ٩) . وأيضاً قال ” أسمعى يا إبنتى وأنظرى وأميلى أذنك وأنسى شعبك وبيت أبيك فيشتهى الملك حُسنك لأنه هو سيدك فاسجدى له ” (مز ٤٥: ١٠) . وفى سفر نشيد الأنشاد يخاطب العروس ” ما أحسن حُبك يا أختى العروس ” (نش ٤: ١٠) وتوجت بالمعنى الجميل ” كل مجد أبنه الملك من داخل ” (مز ٤٥: ١٣) .
تُمجد العذراء ليس فقط فى أمومتها للسيد المسيح ، رغم أن هذه الأمومة لم تعطها ميزة أرضية بل على العكس فنرى سمعان الشيخ يتنبأ ويقول ” وأنت يجوز فى نفسك سيف ” والسيف هنا قصد به سيف الألم الذى سيعتصرها حينما ترى أبنها الوحيد يتألم ويصلب لأجل البشرية حينما قالت ” أما أحشائى فتلتهب عند نظرى إلى صلبوتك الذى أنت صابر عليه من أجل الكل يا أبنى وإلهى ” (قطع صلاة الساعة التاسعة بالأجبية ). نعم لم يكن مجدها فقط فى أمومتها للسيد المسيح بل أيضاً فى إيمانها به وهنا يقول القديس أغسطينوس ” الميزة الحقيقية للعذراء أنها حملت السيد المسيح فى قلبها وليس فى بطنها “
ولأنها عروس فهناك شرط وهو أنها يجب أن توافق ، وقد تحقق وأستوفى هذا الشرط حينما قالت العذراء للملاك ” ها أنذا اّمة الرب ليكن لى كقولك ” (لو١ : ٣٨) .
أم البـشــر
حواء الأولى دعاها اًدم حواء لأنها ” أم كل حى ” (تك ٣: ٢٠) وربما كانت حقاً أم كل حى أرضى ، ولكن العذراء كانت حواء الثانية تماماً كما كان السيد المسيح هو اًدم الثانى .
حواء الثانية هى أم كل حى روحياً ، فهى التى تشفع فى جنس البشر عند أبنها يسوع المسيح ، وهذا المعنى الكنسى متأصل فى ألحاننا بل وصلواتنا فى الأجبية ” السلام لك نسألك أيتها القديسة “
فهى بأمومتها وشفاعتها توسطت فى عُرس قانا الجليل وطلبت من أبنها قائلة ” ليس لهم خمر “
وبأمومتها وشفاعتها توسطت من أجل متياس الرسول وبسبب صلوتها إنحل الحديد فى المدينة كلها ليخرج من السجن ثم بصلواتها أيضاً عاد الحديد مرة اُخرى إلى طبيعته
لقد صارت العذراء أماً لكل البشرية فى شخص القديس يوحنا الحبيب حينما أوكل له رعايتها ” ومنذ تلك الساعة أخذها التلميذ إلى بيته ” (يو ١٩: ٢٧)
على إنها كما تشفع فينا هى أيضاً تطلب منا كأم حنون ، تطلب منا كما طلبت قبلاً من الخدام فى عرس قانا الجليل ” مهما قال لكم فأفعلوه ” (يو٥: ٢)
هى رسالة منها لنا أن نحفظ وصيته وننفذ مشيئته إيماناً منا به
بركة صوم السيدة العذراء عروس الله وأمنا كلنا تكون معنا اًمين