+ +بدأ الله عهداً جديداً مع البشرية بميلاد السيد المسيح فى بيت لحم ، وبدأ انفتاح السماء على الأرض بعد ان اُغلقت السماء عن الأرض حوالى ٤٠٠ سنة بعد ملاخى النبى حتى أعلنت السماء بشرى الفرح بميلاد المسيح وتهللت الملائكة قائلة ” المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرة ” وبشرت السماء بهذا الفرح لليهود وللأمم عن طريق ظهورالملاك للرعاة ” لا تخافوا ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب ” (لو٢: ١٠) .
وعن طريق ظهور النجم ( وهو قوة ملائكية ) للمجوس ” فلما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جداً ” ( مت٢: ١٠) .
+ بل أقول أن أول من أدرك هذا الفرح هى العذراء مريم التى سبحت وقالت ” تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى ” (لو١: ٤٧) .
+ لذلك نجد أن صوم الميلاد فى الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية هو صوماً مملؤ بمشاعر الفرح والبهجة اذ نشترك مع العذراء مريم فى التسبيح والترنيم والفرح بالله المتجسد من أجل خلاصنا وذلك من خلال سهرات كيهك .
تعالوا نتأمل بنعمة المسيح من خلال قصة الميلاد المفرحة فى ثلاثة نقاط
١ – المسيح مصـــدر الفـــرح :-
+ قصة ميلاد المسيح هى قصة فرح حقيقى لكل البشرية لأنها بداية تنفيذ خطة الخلاص التى رسمها الله لفداء البشرية .. لأن فرح وسعادة الإنسان يكمنان فى الشركة مع الله والوجود مع الله كما كان اّدم وحواء فى الجنة ولكن بسبب دخول الخطية أنفصل الإنسان عى الله مصدر الفرح وبدأ الخوف والقلق يدب فى الإنسان وبدأ الشر يلاحقه وبدأ الحزن يدخل كيان الإنسان ..
+ إلى أن جاء ملء الزمان ليولد المسيح من العذراء مريم ويأخذ جسداً مثلنا ماعدا الخطية لكى يأخذ طبيعتنا التى فسدت ويعطينا طبيعة جديدة ولكى يرجع الإنسان مرة ٱخرى إلى حياة الشركة مع الله بل والأتحاد بالله الذى هو مصدر فرحنا وسعادتنا ..
ففى ميلاد المسيح نشعر بوجود الله معنا ( عمانوئيل) فى كل تفاصيل حياتنا اليومية فلا نخاف شيئاً أو نقلق من شئ .. ونشعر بوجود الله القادر أن يخلصنا من خطايانا وضعفاتنا (يسوع) فلا يكون للشيطان سلطان علينا ..
وبذلك يصير يسوع المسيح وليد المذود هو مصدر فرحى وسعادتى الدائمة بل وسلامى الحقيقى فلا اعود أبحث عى السعادة والفرح خارج المسيح ..
+ الفرح بربنا يسوع هو الفرح الوحيد الذى لا ينزع منا لأنه يبدأ هنا على الأرض وينمو باستمرار كلما يكشف لنا الرب ذاته ويسكب محبته فى قلوبنا ويستمر فى الأبدية ” سأراكم فتفرح قلوبكم ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحكم منكم ” (يو ١٦: ٢٢) .
+ ممكن أفرح بعطايا من يد الرب نفسه لكن طوبى لمن يفرح بشخص الرب نفسه ..
+ هناك فرق بين إنسان مجرد ينفذ وصايا الرب وبين إنسان يحيا فى حياة الفرح بالرب وهو سعيد بتنفيذ وصايا الله ..
+ هناك فرق بين إنسان يصلى كتأدية واجب وإنسان يصلى بفرح ” أعبدوا الرب بفرح أدخلوا إلى حضرته بترنم ” (مز ١٠٠: ٢)
” أفرحوا بالرب وابتهجوا يا أيها الصديقون واهتفوا يا جميع مستقيمى القلوب ” (مز٣٢: ١١).
+ لذلك نجد ان كل القديسين فرحوا بالرب يسوع نفسه كمصدر فرح لهم ، لقد فرح القديس أوغسطينوس بالمسيح أكثر من كل فلسفة العالم وشهوات الجسد وعبر عن هذا بقوله ” تأخرت كثيراً فى حبك أيها النبع غير المحدود ” ولقد أوصى فى كتاباته ” أن شئت أن يكون فرحك ثابتاً وباقياً التصق بالله السرمدى ذاك لا يعتريه تغيير بل يستمر ثابتاً عل حال واحد إلى الأبد “
٢- الانجيــــل ســـر الفـــرح:-
+ ” كلمة الانجيل ” الذى هو كلام الله تعنى البشارة المفرحة أو الاخبار السارة وفعلا الانجيل يبدأ بالبشارة المفرحة لميلاد المسيح ( بداية طريق الخلاص ) وينتهى بقيامة المسيح التى سببت فرح للتلاميذ وللبشرية كلها ( اتمام الخلاص ) ..
والمسيح نفسه قال ” كلمتكم بهذا لكى يثبت فرحى فيكم ويكمل فرحكم ” (يو١٥: ١١) .
+ اذاً كلام المسيح فى الانجيل هو سر الفرح الحقيقى عندما نقرأ كلامه باهتمام وننفذ وصيته بجدية .. سوف نشعر بفرح داخلى كما عبر عنه أرميا النبى ” وُجد كلامك فأكلته فكان لى للفرح ولبهجة قلبى ” (أر ١٥: ١٦) وعبر عنه داود النبى فى كثير من المزامير ” فرحت بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة … فرحت بشهاداتك … أتلذذ بوصاياك … ” (مز ١١٩) .
+ كلما نقرأ كلمة الله ونجد كلمة ربنا بتغير فينا حاجة أو بتلمس نقطة ضعف أو بتغير طريقة تفكيرنا أو أسلوبنا أو تصرفاتنا سوف نشعر بفرح .. مجرد طاعة الوصية وتطبيقها يدخل الفرح والسرور داخل قلوبنا .
٣- الكنيسة مــكان الفـــرح :-
+ ” فرحت بالقائلين لى إلى بيت الرب نذهب ” (مز١٢٣ :١) لماذا ؟
لان فى الكنيسة نتقابل مع المسيح نفسه الذى هو مصدر الفرح ونتكلم معه (الصلوات) ونسمع كلامه (القراءات) ونشترك فى التناول من جسده ودمه .
+ ويصير هذا اليوم يوم عيد نفرح بالمسيح وهذا نعبر عنه من خلال الطقس فمثلا بعد تقديم الحمل نصلى لحن ” هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فلنفرح ونبتهج فيه ..” (مز١١٧ : ٣٤) .
+ ونسمع ابونا الكاهن يصلى ويطلب من الله ” بمسرتك يا الله أملأ قلوبنا بسلامك ” وايضاً ” أملأ قلوبنا فرحاً ونعيماً ..” ونصلى مزمور التسبيح والتهليل أثناء توزيع الأسرار الإلهية .
+ فيخرج الإنسان من الكنيسة بعد القداس الإلهى وهو متهلل وفرحان ومملؤ سلاماً وفرحاً لانه ذاق عذوبة اللقاء مع المسيح مفرح القلوب .. وتصير الكنيسة بالفعل مكان فرح وترنم وسلام وتتحول الكنيسة وهى على الأرض إلى سماء حية ومفرحة …
+ ويصدق قول الرب لاشعياء النبى عندما قال ” اّتى بهم إلى جبل قدسى وأفرحهم فى بيت صلاتى وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة على مذبحى لان بيتى بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب ” (أش ٥٦ : ٧) .
أحبائى …..
نحن نفرح بميلاد المسيح عندما نثبت فى كلامه .. ونعيش فى بيته .. ونأكل جسده ودمه ونتحد به فنفرح به إلى الأبد ويدم فرحه فينا .. الرب قادر أن يفرحنا كلنا بوجوده معنا باستمرار ويفرح أولاده وشعبه فى كل مكان ويفرح الكنيسة بتوبة أبنائها .. ويجعل السلام والمحبة والفرح فى العالم كله …