. سمة من سمات قيامة رب المجد هى حياة البهجة والفرح . بعد أن كنا فى حالة حزن وظلمة نجد أنها تبدلت مع قيامة المسيح إلى فرح ونور وبهجة
.الخلاص الذى قدمه السيد المسيح على الصليب وأعلنه بقيامته من الأموات صار مصدر الفرح الحقيقى
والرب أذاع هذا السر لتلاميذه قبل الصليب والقيامة قائلا : ” المرأة وهى تلد تحزن لان ساعتها قد جاءت ، ولكن متى ولدت الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح لأنه قد ولد إنسان فى العالم . فأنتم كذلك عندكم الأن حزن . ولكنى سأراكم ايضاً فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم ” (يو ١٦: ٢١ ، ٢٢
( وها هم تلاميذ الرب يفرحون ” إذ رأوا الرب ” بعد قيامته (يو ٢٠: ٢٠
ومنذ أن أعلنوا تبعيتهم للسيد المسيح المنتصر على الموت بقيامته وتيار الفرح لحقيقى لم ينقطع عندهم كل الحياة حتى فى أحلك الأوقات وأصعب الظروف والضيقات والتجارب
فنجد القديس بولس الرسول وهو فى السجن ومكبل بالقيود والسلاسل الحديدية فضلاً عن شوكة الجسد لكن الفرح الداخلى لا يفارقه سواء فى سلوكه أو كتاباته .. فكتب رسالة فيلبى وهو فى السجن يطلب من المؤمنين ” أفرحوا فى الرب كل حين وأقول أيضاً أفرحوا ” (فى ٤: ٤) .
الفرح المسيحى لا يعرف الهزل أو النكات القبيحة ، ولا يكون عن طريق الرقص الصخب والخلاعة وشرب الخمور ، ولا يكون بتغييب الوعى بالمخدرات ولا يرتبط بلذة الجسد السطحية ولا بكثرة الممتلكات كل هذه هى مظاهر الفرح المعروفة فى العالم . الإنسان الطبيعى لا يعرف غير الفرح السطحى المفتعل بينما الهموم لا تفارقه والسلام لا يملأ قلبه .. إنما افراح الإنسان المسيحى تتركز دائماً فى شخص عريسنا السماوى .. فالمسيح القائم من الأموات هو مصدر وينبوع الفرح الحقيقى
أذن ما هى مظاهر الفرح الحقيقى ؟ نذكر منها ٣ أشياء
(١) الفرح بيوم الأحد :-
قداس يوم الأحد له بهجة خاصة كتذكار لقيامة رب المجد ، فمن منا ينسى هذا العمل الخلاصى العجيب الذى قدمه السيد المسيح … ” هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فالنفرح ونبتهج فيه ” ( مز ١١٨: ٢٤) .
نردد هذا اللحن بعد تقديم الحمل مباشرة لكى نتذكر قيامة المسيح المفرحة .
ولعلكم تذكرون ان فى مصر عندما اصطدمت مشكلة العمل مع القداس يوم الأحد فما كان إلا أن الحكومة المصرية أعطت المسيحيين تصريح أجازة إلى الساعة العاشرة صباحاً حتى يتمكنوا من حضور القداس الإلهى .
صار يوم الأحد يوم القيامة هو يوم مفرح للأسر المسيحية فبالرغم من تعب الأسبوع إلا أنهم يستيقظون مبكراً ويذهبون للكنيسة لملاقاة المسيح فى القداس وتناول جسده ودمه ثم يخدمون فى أى خدمة ثم يجتمعون للأكل مع بعض فى أغابى وبساطة وابتهاج قلب كما كان يفعل الرسل فى الكنيسة الأولى …
(٢) فـــرح التــــوبة :-
اذا كانت الخطية هى مصدر التعاسة وتجلب الحزن ، فأن التوبة والتمتع بخلاص المسيح المنتصر هو ينبوع الفرح الحقيقى. ودوام التوبة يؤدى أولاً بأول التخلص من الخطية المسببة للهم وتأنيب الضمير واختبار حياة الفرح الحقيقى والتمتع بالحرية فى المسيح …
…كم يكون فرح الإنسان حينما يتخلص من عادة كانت مسيطرة عليه أو خطية كان يضعف أمامها وتتكرر فى الأعتراف
… كم يكون فرح إنسان تخلص من الأدمان مثلاً .. أو سيطرة الأفكار الشريرة أو الأحلام النجسة
التوبة الحقيقية التى هى بفعل الروح القدس وقوته ليست مجرد مشاعر ندامة وحزن وانكسار قلب فحسب ، لكن يلازمها مشاعر الفرح والبهجة ” رد لى بهجة خلاصك وبروح رئاسى اعضدنى ” (مز ٥١: ١٢) .
حقيقلى التوبة فيها مشاعر حزن بسبب الخطية والضعف البشرى لكن يصاحبها أيضاً مشاعر الفرح والبهجة بقبول الرب لنا فى أحضانه وعودتنا لكى نكون أبناء له .. انه قبول فورى وغفران فورى من المسيح .
(٣) فـــرح التعب فى الخــــدمة :-
.التعب من أجل المسيح الذى أحبنا وأسلم ذاته عنا يفرح الإنسان +
فالآنانية حزن وهم وخوف وقلق وحرمان من الأتحاد بالمسيح بينما الخروج من الذات إلى الأخر ، عطاءً وخدمة ، هو الطريق إلى الفرح الحقيقى .. ” مغبوط هى العطاء اكثر من الأخذ ” (أع ٢٠: ٣٥.
..ان أعمال المحبة وأعمال الرحمة التى نقدمها إلى الفقير واليتيم والغريب والسجين والمريض .. بالرغم من التعب ، لكنها الطريق إلى السعادة +
..التعب فى افتقاد النفوس .. تعب فى الصوم والميطانيات والدموع من أجل خلاص النفوس إنما هو تعب مفرح للقلب +
+ التعب فى أحتمال تربية الأولاد الصغار وأحتمال أخطائهم والحرص على تعليمهم وصايا الله بالقدوة والمثال الحى حتى يكبروا ويصيروا رجالاً ونساءً مباركين انما هو الطريق إلى السعادة الحقيقية .
…حياة الفرح المسيحى هى من أعمال النعمة وبركات القيامة +++
فالمسيحى الذى ادركته نعمة الخلاص وقام مع المسيح من خلال الصلاة والتسبيح والتوبة المستمرة والخروج من الذات إلى الأخر يتغير حاله من البؤس والحزن إلى الفرح المجيد الذى يبدأ هنا على الأرض وينمو باستمرار بل ويستمر معنا فى الأبدية السعيدة.
أخرستوس آنيستى … اليسوس آنيستى
.كل عام وأنتم جميعاً بخير وسلام